قــــد تستغربوا السؤال ..... ولكن صبرًا ....سأوضح الأمر ....
ستقولون هذا مستحيل لأن طبيعة الأمومة والأبوة ليست كذلك لأن الأم أو الأب قد يضحون يأنفسهم من أجل أولادهم وهم دائمًا يفعلون مافيه إسعاد لأبنائهم ... ولكن مؤكد أنكم توافقوني بأنه لكل قاعدة شواذ ....
وأنا اليوم أطرح عليكم أحد هذه الحالات الشاذة ....وأريد أرآئكم .....
لدي صديقة دائمًا حزينة حتى في ضحكتها أشاهد الحزن في عينيها ...وكم مرة حاولت أن أسألها عن سبب حزنها لكني خشيت أنني قد أكون أطرق باب خصوصيتها فكنت ألزم الصمت إلى أن جاء يومًا وسألتني هل أمك تحبك ؟ أجبتها نعم وبدون تردد ... لحظتها صمتت وبدأت في البكاء بصمت ثم أنفجرت بالبكاء بصوت عالي .... فأخذت أسألها مابها ماالذي يبكيها ويكدر حياتها فجائتني الإجابة الغير متوقعة....: قالت أمي لاتحبني بل تكرهني وتتمنى في كل يوم موتي
فقلت لها هذا غير صحيح لأن الأم يستحيل أن تكره إبنتها فلذة كبدها
فقالت أنا أحكي لك بعض من المواقف وأحكمي أنت بنفسك وبعدها أخبريني عن السبب ....
منذ الصغر وأمي تعاملني بقسوة وتضربني دونًا عن أخوتي ..أذكر وأنا في عمر السابعة أنني ذهبت وأشتريت حلاوة من دكان بجوارنا وحينما عدت وعلمت بذهابي بدون إذنها ضربتني أمي بالخيزران حتى خرج الدم من جسمي وحبستني في غرفة لمدة يوم كامل بدون أكل أو شرب وأنا أبكي وأحلف إني ماراح أسويها ثانية ولكن دون فائدة ... وهكذا على كل خطأ أفعلة أضرب وأحبس وكانوا أخوتي يخبرونها بأفعال لم أقم بيها وكنت أعاقب .. فأصبحت أتعمد فعل الأخطاء وأهرب من أمي إلى أعلى مكان في المنزل بجوار خزان الماء وأنام ليلتها في الأعلى وأنا وحيدة وخائفة وعندما يأتي الصباح أنزل لأني أريد الذهاب إلى المدرسة لأنها متنفسي الوحيد وطبعًا لن أستطيع الذهاب إلا إذا هي ألبستني فكنت أذهب إليها وتضربني غير مبالية بالجروح التي يحدثها الضرب وبعد ذلك أذهب للمدرسة ويسألوني المعلمات وزميلاتي ماذا حدث فأخبرهم بأني وقعت ..كانت مدرستي خاصة وفيها الكثير من الألعاب وكنت أخاطر كثيرًا في الألعاب وأتعمد أن أصاب فمرة كسرت يدي الاثنتين ومرة كسرت رجلي هذا غير الكدمات وإنخلاع الكتف أو معصم اليد وعندما أعود للبيت تضربني أمي بمجرد ماترى ماذا فعلت في نفسي وفي بعض الأحيان قبل ذهابي للطبيب ... وهكذا مرت سنين الدراسة في المدارس وأنا على نفس المنوال ثم قالت : تعرفي إني حاولت الإنتحار وأنا في الصف الأول ثانوي طبعًا المدرسة بلغت الشرطة وأخذوني بالإسعاف على المستشفى وعملوا لي غسيل معدة وقبل أن تأتي الشرطة لتسألني أخذتني أمي وأخي إلى البيت ، بعد هذه الحادثة توقفت أمي عن ضربي ولكنها كانت تحرض إخوتي علي وتجعلهم هم يضربوني وهي تشجعهم .... وأنتهت مرحلة الضرب مع دخولي للجامعة ولكنني كنت وحيدة في بيت يوجد به ثمانية أشخاص ... وفي الجامعة كنت أفضل البقاء فيها لأكبر وقت ممكن حتى أصبحت أذهب من السابعة صباحًا ولا أعود إلا الساعة التاسعة مساءً كنت أفطر وأتغدى في الجامعة وأجلب من الجامعة عشائي وعند دخولى للبيت إذا رأتني تصيح بأعلى صوتها إذهبي من أمامي لا أريد رؤيتك فأدخل غرفتي التي أتشاركها مع أختي الصغرى وأضع كل جهدي في الدراسة وطبعًا كانت لاتعطيني أي نقود فكنت أصرف على نفسي من المكافئة التي يشترط أن أحصل على تقدير ممتاز حتى أستحقها .. أصبحت غريبة في وسط أهلي ...
هنا سألتها أين والدك ؟
فقالت توفي وأنا عمري سنة ولاأعرفه ...
وسألتها هل كل أخوتك يعاملوك بقسوة ؟
قالت يوجد أخي الأكبر هو الوحيد الذي يتعاطف معي ويدافع عني ولكنه ليس في البيت معنا فهو يعمل في مدينة ثانية بعيدة عنا ..
وأكملت...... عندما أشتغلت فرحت لأنه أصبح لي راتب أستطيع به أشتري ماأريد ومع سوء الوضع شجعني أخي الأكبر على شراء سيارة وإحضار سائق خاص بي وإحضار شغالة خاصة لي وهذه أثار غضب أمي أكثر ولكن أخي كان يقف معي ويهددهم أنه إذا تعرض لي أحد أو ضايقني فسوف يأخذني عنده ..كنت أعيش مرتاحة في الفترة التي يكون فيها موجود وأعيش الخوف الشديد عندما يذهب وإلى هذا اليوم أنا أعيل نفسي وأكل وأشرب لوحدي لا أحد يكلمني أويقترب مني بل هم يتفننوا في مضايقتي بشتى الطرق
هنا سألتها لماذا لاتتزوجي وتتخلصي من هذه الحياة ؟
قالت لا أريد أن أنجب أطفال يشقوا في هذه الحياة لأن فاقد الشىء لا يعطيه ..لايوجد بقلبي أي مشاعر بالحب فكيف سأحب أطفالي ...
..
وسألتها السؤال الذي خطر في ذهني منذ البداية ... لماذا أمك تفعل هذا ؟ مؤكد يوجد سبب ؟
نظرت إلي مطولاً ثم ابتسمت قائلة إذا عرفت أنت فأخبريني ...ثم أكملت وقالت هذا السؤال الذي لاأعرف إجابته وكم من المرات راودتني نفسي أن أسألها ولكنني خفت وفضلت البقاء جاهلة بالسبب...وقالت ليس لدي أي مشاعر تجاه أمي وأنا أعتبرها ميتة وليس لي أم ...
ثم أخبرتني أنها منذ محاولتها الإنتحار وهي لاتستطيع النوم إلا بمنومات ومهدئات وأنها تستشير طبيب نفسي ( طبعًا بدون علم أهلها ) وفهمت منها أنه لايفعل شىء سوى إعطائها مهدئات ومنومات ..فهذه هي حال الأطباء النفسيين عندنا ...
صمتت وأطلقت تنهيدة طويلة ثم ألتفتت إلي وسألتني لماذا أمي تكرهني ؟؟
لم أعرف ما أجيبها صمت أنا بدوري وقد أذهلتني قصتها العجيبة ....
ثم نظرت إلي مطولاً وقالت إذا عرفتِ إجابة السؤال فأخبريني وتركتني وذهبت والدموع تنهمر بغزارة على وجنتيها ...
ومن بعدها كلما تراني أحس أنها تبحث عن الإجابة في وجهي وأنا لا أعرف ماذا أقول لها !!!!!!
خطر في بالي أنه ربما أمها مريضة نفسيًا ولكن رجعت وقلت لوكانت مريضة لكان تعاملها مع الكل واحد ...:
والله من يوم ماأخبرتني بالقصة وأنا كل موازيني أنقلبت رأس على عقب وأحسست أن المشاكل التي واجهتني ليست شىء بالمقارنة بمشكلتها ....
تمنيت من كل قلبي أنها لم تخبرني بقصتها ولكن هذه نهاية اللقافة .
.... حسبت إني أقدر أساعدها ولكن كيف ؟
فأرجوكم ساعدوني كي أريح نفسي حتى أستطيع مساعدتها ولو إني أشك أنني أقدر أساعدها
أعطوني أرآئكم بعد عميق التفكير وأنا في أنتظاركم
لكم تحياتي